انتظرت كثيرا قبل أن أكتب هذا المقال, حاولت أن أجمع الكتاب و الفيلم معا و بما أني قرأت الكتاب أولا, تباطأت إلى أن سمحت لي الظروف مشاهدة الفيلم مؤخرا.

الكتاب … استمتعت كثيرا به, و بغض النظر عن طريقة كتابته و اسلوبه الأدبي العادي, إلا أن طريقة عرضه للشخصيات و سرده للأحداث و نقده – اللاذع – للأفراد و المجتمع و ايديلوجياتهم تجعل منه حقا رواية جديرة بالإهتمام. الرواية ناقشت عدة مواضيع كالإختلاف الطبقي, الجنس و الشذوذ, الفساد الأخلاقي والإجتماعي و السياسي, مناقضات الدين بين التعصب و اللا مبالاة, الهجرة و إنحلال الهوية العربية. كما لم تخلو من النقد اللاذع و أحيانا التهكم على ما يسود المجتمع العربي من مظاهر التخلف و التكلف و خاصة الفساد. الكتاب يبقى خفيف الظل في مجمله, ضحكت كثيرا عند مروري ببعض الفقرات و لكن بقيت في النهاية مشدوها للأحداث و حزينا للحال الذي و صل إليه مجتمعنا.

الفيلم … راااائع, مضى وقت طويل و لم أرى فيلما عربيا متكاملا كهذا. الفيلم دام حوالي ساعتين و نصف, الكاستينغ كان رائعا, الإخراج و الإضاءة ممتازين, الموسيقى عميقة و حركية. و إن حاول المخرج المحافظة على الأحداث كما في الرواية, إلا أنه غير بعضها أو حذفها (للضرورة الدرامية), كما أضاف أخرى ليزيد من مصداقية الشخصية. اشدهتني براعة الممثلين في أداء أدوارهم, فلم نعهد عادل إمام حزينا هكذا و لا خالد الصاوي في دور الشاذ فلقد كانت الشخصية متماسكة جدا, و هند صبري في دورها المحوري (نوعا ما) و دور محمد إمام المغلوب على أمره… أعجبني المخرج في تعامله مع اللقطات و خاصة تلك التابعة للمظاهرة, الكاميرا المحمولةو الزوايا و التتابع السريع و المتقطع للقطات أضفى ديناميكية كبيرة. و خاصة أيضا في إيقاع الفيلم حيث يجثم الحمل على قلبك من وطأ الأحداث.

القاعة كانت مليئة بالمتفرجين, و إن كنت أظن أن أغلبهم لم ينتظر فيلما كهذا, إلا أن تعاطفهم بدا واضحا مع الشخصيات, و إن كنت لازلت لم أفهم لمذا ضحكوا عند مشهد بكاء شخصية خالد الصاوي عندما فارقه رفيقه. المشهد (والذي كان رائعا) عبر عن حزن الشخصية بعمق.

“عمارة يعقوبيان”, الرواية كانت أو الفبلم, الحقيقة ستبقى فعلا وصمة في تاريخ الإبداع العربي. إستمتعت كثيرا بهما … فعلى الأقل أعادا نوعا من الخلق الذي كدنا أن ننساه.